• last month
يشهد العالم تحولاً ديموغرافياً عميقاً، حيث تتراجع معدلات الخصوبة بشكل ملحوظ. هذا الانخفاض، الذي تجسده المملكة المتحدة بأدنى معدل مواليد في تاريخها، يثير تساؤلات حول العواقب المستقبلية. فبينما يربط البعض هذا التراجع بتغيرات اجتماعية واقتصادية، يحذر آخرون من آثاره على النمو الاقتصادي والاستدامة. ووصل معدل الخصوبة في المملكة المتحدة إلى أدنى مستوياته التاريخية عند 1.44 طفل لكل امرأة لعام 2023، مما يعكس اتجاهاً عالمياً نحو تقليل الإنجاب، مع تحول المجتمعات العالمية إلى مراحل أكثر غنى وأفكار أكثر علمانية. كما انخفضت معدلات الخصوبة في معظم دول العالم إلى ما دون "مستوى الإحلال" البالغ 2.1 طفل لكل امرأة، وهو المعدل الذي يُبقي عدد السكان ثابتاً من جيل إلى جيل. وفي الوقت الذي تتراجع فيه معدلات الخصوبة، يرتفع متوسط العمر المتوقع، مما يؤدي إلى تغييرات كبيرة في التركيبة السكانية للمملكة المتحدة وأوروبا وأمريكا الشمالية ومعظم دول آسيا، وفقاً للغارديان. فعلى سبيل المثال، انخفضت نسبة الأشخاص في سن العمل مقارنة بالمتقاعدين في المملكة المتحدة إلى 3 عمال لكل متقاعد حالياً، مقارنةً بأكثر من 5 عمال لكل متقاعد في الخمسينات. ومن المتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 1.7 عامل لكل متقاعد بحلول نهاية القرن. تؤثر هذه التحولات الديموغرافية بشكل عميق على الاقتصادات والمجتمعات، إذ يؤدي ارتفاع أعمار السكان وزيادة عدد كبار السن إلى زيادة العبء على الأنظمة الاجتماعية مثل الرعاية الصحية والمعاشات. وهذا يظهر بوضوح في الدول ذات أكبر معدلات شيخوخة في العالم مثل اليونان وإيطاليا واليابان، التي تعاني من ارتفاع الدين العام بشكل كبير مقارنةً بالناتج المحلي الإجمالي، نتيجة لزيادة الإنفاق على الرعاية الصحية والمعاشات، وفقاً لخبير الديموغرافيا بول مورلاند. من جهة أخرى، يعتبر البعض أن انخفاض معدلات الخصوبة يعد نعمة على البيئة، حيث تشير الرئيسة التنفيذية لإحدى المنظمات المعنية بالاستدامة السكانية، إيمي يانكيفيتش، إلى أن النمو السكاني المتوقع غير مستدام بسبب تأثيره على البيئة والحياة البرية. تُعتبر الهجرة من الحلول المقترحة لهذه المشكلة، حيث لجأت العديد من الدول الأوروبية إليها لتلبية احتياجاتها من القوى العاملة. لكن هذه السياسة تواجه تحديات كبيرة، منها ردود الفعل السياسية المعارضة والمخاوف من استنزاف الكفاءات من الدول النامية. ويرى مورلاند أن الحفاظ على هذه السياسة قد يتطلب وصول عدد المهاجرين في المملكة المتحدة إلى نحو 50% من إجمالي السكان بحلول نهاية القرن.
Transcript
00:00موسيقى

Recommended